التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين 53 ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون 54 ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون 55 هو يحيي ويميت وإليه ترجعون 56}

صفحة 3380 - الجزء 5

  ومتى قيل: نحن نقول: إنه كسبه، وإن كان خلقًا لله؟

  قلنا: قد بين مشايخنا أن قولهم في الكسب لا يعقل، فلا يصح أن يحال عليه، وسواء أنه إن عقل فالعبد ملجأ إليه، فكان يجب ألّا يستحق العذاب، وإذا كان الفعل بجميع وجوهه وجد بالقديم سبحانه، فأي شيء بقي للعبد؟، إلا أن يقول: إنه محل للفعل، فيؤول قوله إلى قول جهم.

قوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ٥٣ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٥٤ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٥٥ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٥٦}

  · اللغة: الاستنباء: طلب النبأ، وهو استفعال منه، والنبأ: الخبر، كما أن الاستخبار طلب الخبر، والنبأ: خبر عن أمر عظيم، ومنه: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ١ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ٢} وقال: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ٦٧} والإسرار: إخفاء الشيء، ونقيضه: الإعلان.

  والندامة: الحسرة على ما كان يتمنى أنه لم يكن.

  · الإعراب: «أَلَا إِنَّ» الألف استفهام، دخلت على (لا) ومعناه: التنبيه والتقرير.

  ويقال: لم كسرت (إِنَّ) بعد (ألا)، وفتحت بعد (لو) في قوله: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا