التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم 111 التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين 112}

صفحة 3269 - الجزء 5

  وتدل على أن كل شيء اتخذ في معصية اللَّه لا أصل له، كما ضرب به المثل.

  وتدل على أنه تعالى لا يهدي الظالم إلى الجنة والثواب، فيبطل قول المرجئة.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم من وجوه: منها قوله تعالى: «واتخذوا»، ومنها قوله: «ضرارًا وكفرًا وتفريقًا»، ومنها قوله: «وليحلفن»، ومنها قوله: «إنهم لكاذبون»، ومنها قوله: «لا تقم فيه»، ومنها قوله: «يحبون أن يتطهروا»، ومنها قوله: «لا يهدي القوم الظالمين» وجميع ذلك ظاهر؛ فيبطل قول مخالفينا.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١١١ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١١٢}

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي: «فَيُقْتَلُونِ» بفتحها بتقديم المفعول على الفاعل، وهو قراءة النخعي والأعمش على معنى: يقتل بعضهم ويقتل الباقون، وقرأ الآخرون «فَيَقْتُلُونَ» بفتح الياء «وَيُقْتَلُونَ» بضمها، قدم الفاعل على المفعول على أنهم يقتلون الكفار، ثم يُقتلون، وهذا أوجه.

  والقراءة الظاهرة «بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ»، وعن الأعمش (بالْجَنَّةَ) وهي قراءة عمر بن الخطاب.

  قراءة العامة: «التائبون» بالواو إلى آخرها على الاستئناف أي: هم التائبون، وعن ابن مسعود: «التائبين» إلى آخرها بدلاً من المؤمنين.