التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء 5 هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم 6}

صفحة 1096 - الجزء 2

  الثلاثة، وقيل: هم النصارى جحدوا ما أنزل اللَّه من الآيات في حديث عيسى # «عَذَابٌ شَدِيدٌ» وصفه بالشدة لدوامه، ونفي الراحة عنه «وَاللَّهُ عَزِيز» أي قادر لا يعجزه شيء، عزيز لا يضره كفر مَنْ عصاه «ذُو انْتِقَامٍ» أي ذو قدرة على الانتقام من الكفار، لا يتهيأ لأحد منعه.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الكتاب يفهم بنفسه لولا ذلك لما صح وصفه بأنه الحق وبأنه الفرقان.

  وتدل على أنه منزل فتدل على حدثه.

  وتدل على أنه كلامه، وأنه معجز، وحجة في الأحكام.

  ويدل قوله: «بِالْحَقِّ» على بطلان الجبر؛ لأنه إنما يكون منزلاً بالحق إذا ثبت أنه لا يفعل القبيح ولا يضل، ولو جاز ذلك عليه لجاز أن ينزل ما يضل عن الدين.

  وتدل على أن هذه الكتب هدى للناس أي دلالة، فيهتدى به، فدل أن غرضه بإنزاله الاهتداء به خلاف ما يقولونه أن غرضه أن يضل به قوم.

  ويدل قوله: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا» أن الكفر فعلهم لذلك أضافه إليهم، وألحق بهم الوعيد.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ٥ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٦}

  · اللغة: التصوير: فعل الشيء على صورة لم يكن عليها من صاره يصوره صورًا إذا أماله، سميت الصورة لأنها مائلة إلى بينة بالشبه لها.

  والرحم: موضع الولد، وأصله من الرحمة، وسمي بذلك؛ لأنه مما يتراحم ويتعاطف به.