قوله تعالى: {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين 133 إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين 134 قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون 135}
  · الأحكام: تدل الآية الأولى على توبيخ الفريقين، وإلزام الحجة عليهما.
  ومتى قيل: أتدل على أن في الجن رسولاً؟
  قلنا: قال الضحاك: نعم، وقال القاضي: هذا من العموم الذي أريد به الخصوص؛ لأنه لم يأتهم رسول إلا من الإنس لا من الجن.
  وتدل على اعتراف العصاة بذنوبهم، وأنهم لا يكتمون حديثًا، وتدل على أنه لا يعاقب إلا بعد الاستحقاق؛ ليُعْرَفَ أن ذلك عدل وحكمة، وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم، وأنهم مختارون لتقوم الحجة عليهم.
  وتدل الآية الثانية أنه منزه عن الظلم ولو كان الظلم من خلقه لما صح أن ينزه عنه، وتدل على أنه لو عاقب على غفلة لكان ظلمًا، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة؛ لأن على ما تقوله - عقابهم بعد إقامة الحجة وقبلها سواء من حيث يتصرف في ملكه على ما أسسوا عليه مذهبهم، وتدل على أنه لا يجوز تعذيب الأطفال؛ لأنه لم تقم عليهم حجة، وتدل على أن لكل واحد من المكلفين درجة، وأنه يجازيهم على قدر عملهم.
قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ١٣٣ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ١٣٤ قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ١٣٥}
  · القراءة: قرأ أبو بكر عن عاصم: «مكاناتكم» بالألف على الجمع كل القرآن، وقرأ الباقون «مكانتكم» على واحده.