التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا 76}

صفحة 1634 - الجزء 2

  أيدي الظلمة لنخرج «مِنْ هَذِهِ الْقَريَةِ» يعني مكة عن ابن عباس والحسن والسدي ومجاهد وابن زيد والأصم وأبي علي وأبي مسلم «الظَّالِم أَهْلُهَا» يعني أهل مكة الَّذِينَ ظلموا بافتتان المسلمين عن دينهم ومنعهم عن الهجرة «واجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا» قيل: اجعل لنا بألطافك وتأييدك من عندك وليًّا يلي أمرنا بالكفاية؛ حتى ينقذنا من أيدي الظلمة «وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ» من عندك «نَصِيرًا» ينصرنا على من ظلمنا.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب القتال؛ لأنه كالتوبيخ على تركه.

  وتدل على أن استنقاذ المسلم من أيدي الكفار واجب إذا أمكن؛ لأنه تعالى جعل ذلك كالعلة في وجوب الجهاد.

  وتدل على أن حكم الولدان حكم البالغين في وجوب الإنقاذ.

  وتدل على وجوب الانقطاع إلى اللَّه تعالى وسائر المهمات.

  وتدل على أن للدعاء تأثيرًا في المسألة؛ لأنه عند الدعاء أجابهم، ويجوز أن تكون المصلحة فعل ذلك الشيء عند الدعاء، ولا يجوز أن يفعله إلا عقيب الدعاء، وقيل: إنه تعالى أجاب دعاءهم، ففتح رسول اللَّه ÷ مكة وهرب بعضهم واستعمل عليهم عتاب بن أسيد، فكان وليًا ينصر الضعيف والمظلوم.

  وتدل على أن الجعل يراد به التوفيق؛ لأنه المراد بقوله: «وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَليًا» وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك وبخهم بترك القتال وأضاف القول إليهم، ووصف أهلها بالظلم، ولو كان خلقًا له تعالى لما صح ذلك، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أنهم كانوا قادرين على الجهاد، وإلا لما صح ذمهم بتركه فيبطل قولهم في الاستطاعة.

قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ٧٦}