قوله تعالى: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا 101}
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الهجرة متى وجد متسعًا وطريقًا وإنْ لم يجد سعة في الرزق؛ لأن ذلك مما يجده من بعد، ولذلك قال العلماء: إن الأسير المفتون في دار الحرب يجب عليه اللحوق بدار الإسلام متى أمكن وجوبًا معينًا، وذلك بخلاف الجهاد، وتدل على أن من أَخَذَ في الهجرة ولم تتم لموته فأجره تام على اللَّه، وليس في الآية أي أجر هو؛ فلذلك اختلف العلماء فمنهم من قال: المراد أجر قصده وقدر عمله دون أجر الهجرة، ومنهم من قال: أجر المجاهد المهاجر، ومنهم من قال: له أجر كمال الهجرة من حيث قصد، ومقادير الثواب تعلم بالسمع، فإن ثبت شيء بالسمع قلنا به وإلا فالأول ظاهر، والثاني أقرب إلى سبب النزول، ولا منع في الآية بأن يكمل له أجر الهجرة؛ لنيته وبذل الجهد، وأنه قطع دونه، ولأن فعله يعظم إذا وقع على هذا الوجه.
  وقد استدل بعض أهل المدينة بالآية على أن الغازي يستحق السهم المذكور من الغنيمة إذا مات في الطريق وهذا بعيد؛ لأن المراد بالآية الأجر والثواب.
قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ١٠١}
  · اللغة: الضرب في الأرض: السير فيه، وأصله الضرب باليد؛ لأنه يستمر فيه كما يستمر في الضرب باليد، ومنه ضرب المثل؛ لأنه يستمر في البلاد كاستمرار الضرب باليد.
  والقِصَر خلاف الطول، والقَصْرُ: الحبس، ومنه: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ}.
  والقصر: قصر الصلاة، كأنه قصير في جنب الإتمام.
  والعدو يقع على الواحد والجمع، وهو نقيض الولي، ويجمع أعداء، والمراد بالآية الجمع، يقال: هذا عدوي، وهَؤُلَاءِ عدوي وأعدائي.