التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون 26}

صفحة 2529 - الجزء 4

  ويدل قوله: «أَلَمْ أَنْهَكُمَا» أن ما تناولا من الشجرة دخل تحت النهي، فإذا لم يكن بالنص والتعيين فليس إلا ما ذكرنا أنه من جنسه بتناول آدم.

  وتدل أنه - تعالى - أمره بالتحرز من الشيطان، فإذا أوجب عليه ذلك مع جلالته فعلينا أوجب، وإذا أوجب التحرز منه؛ لأنه يدعو إلى الفساد، فكل مَنْ هذا حاله وجب التحرز منه، فلهذا قلنا: يجب التحرز أولاً من الكفار، ثم من المبتدعة، ثم من الظلمة، وأهل الفساد.

  وتدل على اعترافهما بالذنب وسؤالهما المغفرة، فدل أن الأكل كان فعلهما، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

  وتدل على أن الصغيرة ظلم للنفس، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه.

  وتدل على أن الجنة وطعامها حرام على العصاة، فيبطل قول المرجئة.

  وتدل على أن الأرض مستقر الخلق إلى وقت الموت، وفيه تنبيه على نعمة عظيمة، وكمال قدرة من اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ٢٦}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر والكسائي «ولِبَاسَ» بالنصب وهو اختيار الفراء عطفًا على لباس، والعامل فيه «أنزلنَا» وقرأ الباقون «لِبَاسُ» بالرفع على أنه ابتداء وخبر، وكذلك قرأ ابن مسعود وأُبَيّ بن كعب، (ولِبَاسُ التقوى خير).

  قراءة العامة: «وَرِيشًا» بغير ألف، وعن عثمان والحسن والسلمي وقتادة (رِيَاشًا)،