التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين 95}

صفحة 500 - الجزء 1

  · الأحكام: الآية تدل على صحة نبوة محمد ÷ لأن المعلوم من حال اليهود شدة معاداتهم إياه، ومعلوم أنه تحداهم بتمني الموت، وأخبر أنهم لا يفعلونه، وإذا أمكنهم إبطال أمره بالسهل الذي هو التمني لا يجوز ألا يقع منهم، ثم مع ذلك خافوا إظهار تمني الموت، ومعلوم أنهم لو تمنوا لبطل أمره، ولصاروا بزعمهم إن ماتوا إلى نعيم دائم، فمجموع ذلك يقتضي المبادرة إلى التمني، فلما عدلوا دل على صدقه، وعلى أنهم لم يكونوا على ثقة من صدقهم فيما ادعوه.

  ويقال: إذا كان التمني معنى في القلب، فكيف يعرف حصوله منهم؟

  قلنا: أما عند أبي علي فالتمني هو القول، فالسؤال ساقط، وعند أبي هاشم ليس المراد به ما يحصل بالقلب؛ لأنه لا يُعْرَفُ، وإنما يعرف من جهتهم، ولا يعرف صدقهم، فالتحدي وقع بما يظهر باللسان، فكان يسهل عليهم أن يقولوا: ليت الموت نزل بنا، وذلك نظير ما قاله الفقهاء إذا قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، فالاعتبار بما يظهر من قولها، لا بما في قلبها، وكذلك إن قال لها: إن كنت تحبينني أو تبغضينني.

  وتدل على صحة الحجاج في الدين.

  وتدل على كذب اليهود في قولهم: إن لهم الدار الآخرة خالصة.

قوله تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٩٥}

  · اللغة: الأبد والدهر من النظائر.

  والقديم والأول والسابق متقارب في المعنى، والقديم الموجود لم يزل، ونقيضه الحديث، وأصله من التقدم خلاف التأخر.

  ويُقال: هل يطلق اسم القديم على غير اللَّه؟