التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم 49 ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد 51}

صفحة 2960 - الجزء 4

  قيل: انقطع الحكاية عن إبليس عند قوله: «أخافُ اللَّهَ» ثم ابتدأ بأنه شديد العقاب لمن عصاه، وقيل: هذا أيضا حكاية متعلقة بما قبله من كلام الشيطان فإني أخاف اللَّه لأنه شديد العقاب

  · الأحكام: تدل الآية على معجزة للرسول من وجوه:

  منها: تغير صورة الشيطان وإخباره بنزول الملائكة، ونكوصه على عقبيه.

  ومنها: إطلاعه رسوله على ذلك.

  وتدل على أن الشيطان إذا عاين عذاب اللَّه تبرأ من أتباعه، ففيه حث على مخالفته وترك طاعته؛ لأن ذلك عادته في جميع من أطاعه.

  وتدل على أن الكفار لم يعاينوا الملائكة، وإنما عاينهم إبليس.

  وتدل على أن ذلك التزيين فِعْلُ الشيطان، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ أن جميع ذلك في الشيطان خلْقُ اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٤٩ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ٥٠ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٥١}