التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون 126 وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون 127 لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم 129}

صفحة 3300 - الجزء 5

  وتدل على أنه فرض على الكفاية؛ لأنه أزال الوجوب مِن الكل إلى البعض.

  وتدل على وجوب العمل بخبر الواحد؛ لأنه لو لم يلزم العمل بتعريفهم لم يكن للأمر به معنى.

  وتدل على أنه يجوز أخذ الدين والعلم ممن ليس بمعصوم، فيبطل قول الإمامية.

  وتدل على وجوب الجهاد وكيفيته، وأن الواجب البداية بالأقرب فالأقرب، وهذا عند تساوي الحال، فأما إذا خيف الأبعد وأُمِنَ الأقرب فيجوز أن يجاهد الأبعد، فإن أمكن الجمع بينهما كان أولى.

  وتدل على أن الإيمان يزيد وينقص؛ لأنه تعالى نص على زيادة الإيمان وذلك يوجب أن يكون العمل من الإيمان والقول بأن الإيمان يزيد وينقص قول عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، والحسن، ومجاهد، وابن المبارك، وغيرهم من الصحابة.

قوله تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ١٢٧ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩}

  · القراءة: قرأ حمزة ويعقوب: «أَوَلَا تَرَوْنَ» بالتاء على الخطاب للمؤمنين، وهو قراءة أبي بن كعب، وقرأ الباقون بالياء خبرًا عن المنافقين الَّذِينَ تقدم ذكرهم، وقرأ الأعمش «أوَلم يروا»، وقرأ طلحة: «أوَلا يرى»، وهي قراءة عبد اللَّه.