التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم 163}

صفحة 676 - الجزء 1

  وقيل: إنه لَمَّا يجدُ في نفسه من العذاب غير مشوب براحة يُعَظِّمُ عذاب غيره ولا يوجب تخفيفًا، وإنما أكده بأنه لا يخفف؛ لأن الخلود لا ينافي التخفيف على ما فسرنا.

  «وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ» قيل: لا يؤخرون في التعذيب، بل عذابهم حاضر متصل، وقيل: لا ينظرون لاعتذار، كقوله: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} قطعًا للطمع في التوبة، عن أبي العالية.

  · الأحكام: الآية تدل على أن العام يجوز أن يريد به الخاص؛ لأنه عم الناس، والمراد به المؤمنون على أصح الأقاويل، ولأن جميعهم لا يلعنون.

  وتدل على جواز التخصيص مع التأكيد؛ لأنه مؤكد بأجمعين وقد أريد به الخصوص.

  وتدل على دوام العقاب، وأنه لا يخفف فيه بوجهٍ، فيبطل قول جهم.

  وتدل على جواز لعن الظالم، وقد تعلق بالآية أصحاب الموافاة.

  وجوابنا أن الآية وردت في كفار تقدم كفرهم وموتهم، ومن هذا حاله إنما يجوز لعنه إذا مات كافرًا لا تائبًا ولا خلاف فيه، والخلاف في الكافر المصر ولم يمت بعد، فعندنا يستحق اللعن في الحال، وعندهم لا يستحقه، وذلك يبطل تعلقهم، وبين أنّ ذلك الذي به يَستحِقُّ اللعنَ هو الكفر لا الموت فكيف يقال: يستحقه بعد الموت، ولا يستحقه قبله؟!، وكيف يضم إلى العلة والسبب ما ليس بعلة ولا سبب؟.

  وتدل الآية أن اسم الكفر لا يجري على الكفار من حيث الاشتقاق؛ لأنه وصفهم بأنهم كفار بعد موتهم، ولو كان على وجه الاشتقاق لما صح ذلك، وثبت أن الكافر اسم شرعي لمن استحق أعظم العقاب بارتكابه أعظم الإجرام.

قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ١٦٣}

  · اللغة: الواحد شيء لا ينقسم عددًا كان أو غيره، فقولنا: جزء واحد لا ينقسم من جهة