التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين 18 وما أدراك ما عليون 19 كتاب مرقوم 20 يشهده المقربون 21 إن الأبرار لفي نعيم 22 على الأرائك ينظرون 23 تعرف في وجوههم نضرة النعيم 24 يسقون من رحيق مختوم 25 ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون 26 ومزاجه من تسنيم 27 عينا يشرب بها المقربون 28}

صفحة 7325 - الجزء 10

  كالغالب على القلوب، والرين عليها «كَلَّا» ردع وزجر، وقيل: حقًا «إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ» قيل: محجوبون عن رحمته وإحسانه وكرامته، عن الحسن، وقتادة، وقيل: ممنوعون عن رحمته مدفوعون عن ثوابه، غير مقبولين ولا مرضيين، عن أبي مسلم، ولا يقال: الحجاب بينهم وبين الله تعالى؛ لأنه تعالى ليس بجسم، ولا معنى يحل الجسم حتى يصح فيه الحجاب «ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُو الْجَحِيمِ» أي: يصيرون إلى النار، ملازمون لها، لا يغيبون عنها، وقيل: صائرون صلاها، أي: وقودها، عن أبي مسلم «ثُمَّ يُقَالُ» لهم توبيخًا: هذه النَّارُ التي كنتم بها تُكَذِّبُونَ في الدنيا رأيتموها عيانًا.

  · الأحكام: يدل قوله: {مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} أن أعظم الذنوب إنكار البعث، وأنواع الكفر.

  ويدل قوله: {كَلَّا بَلْ رَانَ} أن تواتر المعاصي يقتضي الرين على القلب، وهذا توسع، والمراد: أن اعتياده الكفر والفسق للذنوب وترك النظر في العواقب، ألهاه عما يعنيه، فصار كالغالب عليه.

  ويدل قوله: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} أنه لا تنالهم رحمة الله.

  وتدل على أن التكذيب فعلُهم؛ لذلك استحقوا الوعيد.

قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ١٨ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ١٩ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ٢٠ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ٢١ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ٢٢ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ٢٣ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ٢٤ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ٢٥ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ٢٦ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ٢٧ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ٢٨}