وتدل على أنه يجوز أن يهلك من يستحق لطفًا حتى يعلم أنه لا يدوم ولا يعجب به؛ لذلك خسف بداره وزينته، وعلى هذا الوجه صحح أبو هاشم أن العين حق، وقال: إنما يهلكه الله لطفًا كي لا يركن المستحسن إلى الدنيا، قال القاضي |: قد جمع تعالى في قوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} أدوات الدين والدنيا؛ لأن كل ما يتناوله التكليف تناوله قوله:

  {وَابْتَغِ} وجميع ما يتصل بأماني النفس تناوله قوله: {وَلَا تَنْسَ}، وهذا على أن معنى قوله: {وَلَا تَنْسَ} فإنه حقه على نفسه على ما قدمنا.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم من وجوه كثيرة، هي ظاهرة إن تأملتها.

قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ٨٣ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٨٤ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ٨٥ وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ ٨٦ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ٨٧ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٨٨}

  · القراءة: قراءة العامة: {وَجْهَهُ} بالنصب، وقرئ بالرفع، فمن نصبه فعلى الاستثناء، ومن رفعه فالمراد: غيرُ وجهه أي: كل معبود باطل إلا ربك.