التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون 38 والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم 39}

صفحة 2221 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل الآية على أن هَؤُلَاءِ الكفار لا لطف لهم يؤمنون عنده؛ إذ لو كان لفعل ولآمنوا خلاف قول أصحاب اللطف.

  وتدل على أن ما اقترحوه من الآيات كان مفسدة، وإلا لأنزلها.

  وتدل أنه ينزل من الآيات ما فيه لطف، ولا ينزل ما فيه مفسدة، فيؤيد قولنا في اللطف.

  وتدل على أن المعارف ليست بضرورية لذلك صح طلب الآيات، وقوله: «لاَ يَعْلَمُونَ».

  وتدل أن الأعراض وما قالوا فعْلُهم خلاف قولهم: إنه خَلْق لله تعالى، وتعلق بعضهم بالآية بأنه تعالى لا يشاء منهم الإيمان، والجواب أن المراد به مشيئة الإلجاء والإكراه، وعندنا أنه لم يرد ذلك، وإنما أراد أن يؤمنوا على سبيل الاختيار والطوع ليستحقوا الثواب.

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ٣٨ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ٣٩}

  · اللغة: الدابة: الحيوان الذي من شأنه أن يدب أي يمشي، وأصله الصِّفَةُ من دب يدب دبيبًا، فهو داب: إذا مشى مشيًا فيه تقارب خطو، فكلُّ ماشٍ على الأرض دابةٌ، وفي الحديث: «لا يدخل الجنة دَيْبُوبٌ ولا قَلَّاعٌ» فالديبوب: النمام، ولأنه يدب