التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد 100 وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب 101 وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد 102 إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود 103 وما نؤخره إلا لأجل معدود 104 يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد 105}

صفحة 3561 - الجزء 5

  يردون فيه النار، وقيل: الورد النصيب أي: بئس النصيب لهم المقسوم من النار، وقيل: يَرِدُون مشاة عطاشا، فجعل وردهم النار يأسًا من الماء فيزدادون عطشًا «وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً» يعني أتبعهم اللَّه وملائكته والمؤمنون بعد هلاكهم في الدنيا لعنة، ويلعنون يوم القيامة أيضًا، وقيل: أهل الدنيا تلعنهم في الدنيا، وأهل القيامة تلعنهم يوم القيامة «بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ» العطاء؛ يعني بئست العطية اللعنة، وبئست الخلعة النار، وقيل: الرفد المعونة أي: أن فرعون أعانهم على الباطل، وبئس العون إذا كانت معونة تفضي إلى النار، وقيل: بئس المعونة له بأن أدخلهم النار، وقيل: اللعن في الدنيا الغرق، وفي الآخرة النار.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الداعي إلى الضلال يقدم من اتبعه حتى يوردهم النار، فيكون فيه زجر عن ذلك، وهكذا أئمة البدع خلاف أئمة الهدى، فإنه يقدم قومه حتى يوردهم الجنة.

  وتدل على أن الضال يلعن في الدنيا والآخرة.

  وتدل على أن ذلك الاتباع فعلُهم، وأن الإضلال فعله، خلاف ما يقوله أهل الجبر: أن الإضلال فِعْلُ اللَّه، والاتباع خَلْقُهُ.

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ١٠٠ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ١٠١ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ١٠٢ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ١٠٣ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ١٠٤ يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ١٠٥}