قوله تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين 130}
  وتدل على أنه كما سأل البعثة دعا للأمة، بقوله: (ويزكيهم)؛ لأنه مسألة لهم باللطف الذي لأجله تمسكوا بالكتاب فيصيروا أزكياء.
  وتدل على أن النبي ÷ المدعو له من ولد إسماعيل لا من ولد إسحاق؛ لأن الدعاء صدر من إسماعيل.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ١٣٠}
  · اللغة: الرغبة: الميل إلى الشيء بالمحبة، يقال: رغبت فيه إذا ملت إليه وأودته، ورغبت عنه: تركته.
  والاصطفاء: الاختيار، وأصله الخلوص، ومنه الصفو نقيض الكدر، ووزن اصطفينا: افتعلنا، من الصفة، وإنما قلبت التاء طاء؛ لأنهما أشبه بالصاد بالاستعلاء والإطباق، وهو من مخرج التاء، فأتي بحرف وسط بين حرفين.
  · الإعراب: يقال: ما معنى «مَنْ» الأولى، و «مَنْ» الثانية؟
  قلنا: الأولى استفهام، ومعناها الجحد، والثانية: بمعنى (الذي) تقديره: وما يرغب عن ملة إبراهيم إلا الذي سفه نفسه.
  ويقال: علام انتصب «نفسه»؟
  قلنا: فيه خلاف، منهم من قال: لأنه مفعول، ثم اختلفوا في تقدير الكلام، فمنهم من قال سفه نفسه، ومنهم من قال: أَوْبَقَ نفسه، وقيل: نصب على التفسير، كقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} عن الفراء.