التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير 17 وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير 18}

صفحة 1915 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل الآية على معجزة نبينا ÷ حيث أخبرهم بسرائر ما في دينهم وكتابهم مع اجتهادهم في إخفائه، ومع كونه أميًّا لا يقرأ كتابًا، ولا يسمع حديثًا، ولا خالط العلماء منهم.

  وتدل أنه تعالى قد هدى الخلق إلى الدين بالدلالة والبيان والإلطاف، خلاف ما يقوله الْمُجْبِرَة.

  وتدل على أن الكتاب ممكن أن يعرف لتصح الهداية، خلاف ما قاله بعضهم.

  وتدل على أن أفعالهم حادثة من جهتهم؛ لذلك أضاف الإخفاء إليهم، وألحق بهم الذم، وذلك يبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.

قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٧ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ١٨}

  · اللغة: الأحباء: جمع حبيب، والحُبُّ نقيض البغض، والحب قد يكون بمعنى الإرادة، وقد يكون بمعنى الشهوة، ويستعمل في كل واحد، يقال: أحب استقامة أمرك، وأحب جاريتي.

  وأصل الملك الاقتدار، يقال: ملكت على فلان: إذا اقتدرت عليه حتى لا يمكنه