التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون 71 وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون 72 ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون 73 واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون 74 لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون 75 فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون 76 أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين 77 وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم 78 قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم 79 الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون 80 أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم 81 إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82 فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون 83}

صفحة 5899 - الجزء 8

  ومتى قيل: هب أنه لا يمكنه الإنشاء، فكيف منع الإنشاد؟

  قلنا: يحتمل أنه لم يصرف عنايته إلى حفظ شيء منه، ويحتمل أنه تعالى صرفه عن ذلك، وسئلت عائشة: أكان النبي ÷ يتمثل بالشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه الشعر، غير أنه كان إذا أراد أن يتمثل ببيت جعل أوله آخره.

  قال القاضي: والآية محمولة على أنه لا ينشئ، وأما حفظ شعر غيره فيبعد ألا يحفظه، قال: وإنما كان يجعل أوله آخره لعلمه أنه لولاه لكان شعرًا.

  وما يروى من قوله: «أنا النبي لا كذب»، وقوله: «هل أنت ...» ويكسر التاءِ في دَمِيتِ.

  وتدل أن الإنذار بالقرآن يقع لمن يستمع دون المعرض عنه.

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ٧١ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ٧٢ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ٧٣ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ ٧٤ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ٧٥ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ٧٦ أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ٧٧ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ٨٠ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨١ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٨٣}