التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل 38 إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير 39}

صفحة 3115 - الجزء 4

  ضلوا لم يهدهم اللَّه بل وكلهم إلى اختيارهم، عن أبي مسلم. وقيل: لا يفعل بهم خيرًا، والعرب تسمي كل خير هدى وكل شر ضلالة، قال الشاعر:

  فَلاَ هَدَى اللَّه قَيْسًا مِنْ ضَلاَلَتَها ... ولا لعًا لبني ذَكْوَانَ إِنْ عَثَرُوا

  · الأحكام: تدل الآية على أن ما فعلوه من النسيء كفر، وكل من اعتقد عبادة في غير الوقت الذي وقته اللَّه - تعالى - فهو كفر.

  وتدل على أن تحريم ما أحل اللَّه وتحليل ما حرم اللَّه كفر.

  وتدل على أن فعل الحج في وقته إيمان.

  وتدل على أن الكفر والإيمان يكون في أفعال الجوارح؛ ولأنه تعالى جعل التأخير كفرًا بخلاف قول كثير من المرجئة.

  وتدل على أن الكفار يضلون أتباعهم فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ أن اللَّه - تعالى - يُضِلُّ، وكذلك قولهم في المخلوق، ولا حجة لهم في قوله: «زُيِّنَ لَهُمْ»؛ لأنه ليس في الآية أنه تعالى - زين لهم فلا تعلق لهم بها.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ٣٨ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٣٩}