التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم 33 إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم 34}

صفحة 1943 - الجزء 3

  يجب قتله، وكذلك الساعي بالفساد «وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ» يعني بني إسرائيل أتتهم «رُسُلُنَا بِالْبَيَّنَّاتِ» بالحجج والدلائل «ثُمَّ إِنَّ كثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرفُونَ»: مجاوزون الحد في أوامر اللَّه ونواهيه لمخالفته وعصيانه، وقيل: مسرفون على أنفسهم بالكفر والعصيان.

  · الأحكام: تدل الآية على أن القتل في ذلك الزمان لغير وجهين لم يكن حَقًّا، وهو بغير نفس أو فساد في الأرض، فتدل على أن القتل للزنا والردة لم يكن ثابتًا في شريعتهم.

  وتدل على عظيم ذلك القتل من حيث سن القتل وسهله، فاستحق زيادة عقوبة وإنما يزيد عقابه للاقتداء به من حيث صار ذلك جهة لفعله، ولهذا قال مشايخنا: إن المعصية تعظم لوجهين: أحدهما: ما يعظم به من الأمور المقاربة، والآخر: ما يحصل في المستقبل من التأسي به، وكذلك الطاعة، وليس فيه استحقاق العقاب على فعل الغير.

  وتدل على أن القتل فعل العبد ليس بخلق لله تعالى؛ لذلك لحقهم الوعيد.

قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٣٣ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٤}

  · اللغة: الجزاء: المكافأة، جزيت فلانًا أجزيه جزاء: إذا كافأته، وجزيت عنه: إذا كافأت عنه.