التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام 204 وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد 205}

صفحة 833 - الجزء 1

  الثاني والثالث، ويستحب رفع اليدين عند الجمرتين الأوليين للدعاء، فإذا رمى في اليوم الثاني فله أن ينفر من مِنىً إن أحب، وإن لم ينفر رمى في اليوم الثالث، قال أبو يوسف: كل رمي بعده رمي فالأفضل أن يرميه ماشيًا، وكل رمي ليس بعده رمي، فالأفضل أن يرميه راكبًا، وقد قال أصحابنا: إذا طلع الفجر في اليوم الثالث من أيام التشريق لم يجز له النفر حتى يرمي، وقال الشافعي: إذا غربت الشمس لم يجز له النفر.

  فأما وقت الرمي ففي يوم النحر يدخل وقته بطلوع الفجر، وقال الشافعي: إذا انتصف الليل دخل وقته، قال الثوري: لا يجوز ما لم تطلع الشمس، ثم آخر وقته إذا غربت الشمس، وقال أبو يوسف: إلى وقت الزوال، قال أصحابنا: إذا أخر الرمي إلى الليل رماه، ولا شيء عليه، وإن أخره إلى الغد رماه، وعليه دم، وقال الشافعي في أحد قوليه: إذا غربت الشمس فات الوقت ووجبت عليه الفدية، وفي قول آخر: لا يفوت إلا في آخر أيام التشريق، فأما اليوم الثاني والثالث فيدخل وقت الرمي بعد الزوال، وروى في (المنتقى): إن رمى قبله جاز، فأما اليوم الرابع آخر أيام التشريق، فعند أبي حنيفة يجوز الرمي قبل الزوال، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز إلا بعده.

  ويدل قوله: «وَاعْلَمُوا» أن المعارف ليست بضرورة وإنما هي مكتسبة.

  ويدل قوله: «تُحْشَرُونَ» على الحشر والبعث، وفي ذلك تحذير عن المعاصي؛ لأن من تصور الحشر دعاه إلى التشدد في التقوى، وكرر ذكر التقوى؛ لأن المراد «لِمَنِ اتَّقَى» في ماضي أيامه، واتقوا في المستقبل.

قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ٢٠٤ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}