التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير 120}

صفحة 570 - الجزء 1

  الآية أنه أيده بالحجج، وبعثه بالحق، فإذا لم يؤمنوا مع هذا فَوَباُلهُ عليهم، ولا تسأل عن أفعالهم، فقال تعالى: «إنَّا أَرْسَلناكَ» يا محمد «بِالْحَقّ» قيل: بالإسلام، عن الأصم، وقيل: بالقرآن، عن ابن عباس، وقيل: بالصدق. وقيل: على الحق بعثناه، على أنه حق «بَشِيرًا» للمؤمنين بالجنة «وَنَذِيرًا» أي مخوفًا للكافرين بالنار «وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيمِ» أي لا تسأل عن أحوالهم، وفيه تسلية له، أي: أنت هاد، وليس عليكَ قبولهم، ونظيره: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} وقيل: لا تُؤَاخَذُ بذنبهم، كقوله: {عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} وقيل: معناه لا تنظر إلى المطيع والعاصي في الحال والوقت، فإن الحال قد يتغير، فهو غيب لا تسأل عنه، ذكره القاضي.

  · الأحكام: الآية تدل على تعليق الثواب والعقاب بالحق المذكور، ولا يكون كذلك إلا بأن تبشر بالثواب من تمسك به، وتنذر بالعقاب من زاغ عنه.

  وفي قوله «وَلاَ تُسْأَلُ» تسلية له #؛ لئلا يشتد حزنه بمن زاغ عنه، وقال أبو علي: تدل الآية على أن أحدًا لا يؤاخذ بذنب غيره.

قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ١٢٠}

  · اللغة: الرضا والمحبة والمودة نظائر، ونقيض الرضا الغضب، والرضا مقصور، من بنات الواو، ودليله الرضوان، والرضا يرجع إلى الإرادة، والغضب إلى الكراهة، فكأن من رَضِيَ عنه يَزِيدُ إكرامه، ومن غضب عليه يزيد هوانه.