التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم 54}

صفحة 1997 - الجزء 3

  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن موالاة الكفار والمراد التولي فيما يتصل بالدين، فأما فيما يتصل بالعشرة في الدنيا إذا لم يوهم فمباح. وتدل على أنه لا يجوز الاستعانة بهم والمشاورة معهم في الأمور؛ لما ثبت من معاداتهم لأهل الإسلام.

  وتدل على موالاة بعضهم لبعض، والمراد إما أن تكون كل طائفة أو جميعهم في معاداة المسلمين على ما تقدم، وذكر علي بن موسى القمي أن الآية تدل على أن الكفر كله ملة واحدة في أحكام المواريث؛ لكون بعضهم أولياء بعض، ولم يفصل.

  وتدل على أن من تولاهم صار منهم، وهو مجمل لا يدل على أنه يصير كافرًا إلا أن يحمل على الموافقة في الدين، فحينئذ يصير كافرًا.

  وتدل على شك أهل النفاق، وتدل على أنه تعالى يفعل من تقوية الإسلام وظهور المسلمين ما يصير المنافق عنده خاسرًا حظه، نادمًا على ما سلف منه.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ٥٤}

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر: «يَرْتَدِد» بدالين، وكذلك هي في مصاحفهم، وقرأ الباقون بدال واحدة مشددة، وكذلك هي في مصاحفهم، فالأول لإظهار التضعيف لسكون الدال الثانية، والثانية على الإدغام حركوا الثاني لالتقاء الساكنين.

  قراءة العامة: «أذلة» «أعزة» على أنه من نعت القوم، وعن ابن مسعود فيهما بالنصب على الحال.