التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين 146}

صفحة 1335 - الجزء 2

  · الأحكام: تدل الآية على الترغيب في الجهاد، وأنه لا يصرف عنه خوف الموت؛ لأنه نازل في حينه، وإن لم يكن جهادٌ كما ينزل في الجهاد.

  وتدل على أن لكل أحد أجلاً معلومًا لا يتقدم ولا يتأخر، وتدل على أن هذه الآجال مكتوبة ليعتبر بها الملائكة ولطفًا لنا، وتدل على أن المقتول مات بأجله.

  ومتى قيل: لو لم يقتل فكيف يكون حاله؟

  فجوابنا كان يجوز أن يموت أو يعيش؛ لأنه تعالى قادر عليهما، ألا أنه إذا قتل قطعنا أنه أجله، وأنه كان لا يجوز غيره؛ لأنه كان المعلوم.

  وتدل على أن من أراد بالعبادة نصيب الدنيا لا حظ له في الآخرة.

  وتدل على أن الموت لا يقدر عليه غيره تعالى؛ لأنه قال: «بِإِذْنِه» عن أبي علي.

  وتدل على أن أجل الإنسان إنما هو أجل واحد عن أبي علي على خلاف قول البغدادية.

قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ١٤٦}

  · القراءة: قرأ ابن كثير وشيبة: «وكائِنٍ» على وزن كَاعٍ ممدودًا مهموزا مخففًا، وقرأ الباقون «كأَيِّن» مشدداّ بوزن كعَيِّن، وهي لغة قريش، وقرأ أبو جعفر والحسن «وكايِنْ» مقصورا بغير همز ولا تشديد، وقرأ ابن محيصن: (كاي) ممدودا بغير نون، وكلها لغات معروفة، والاختيار لغة قريش؛ لأنها لغة النبي ÷، والقرآن نزل بلغتهم، وعليه أكثر القراء.