التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين 25 قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين 26}

صفحة 1928 - الجزء 3

  ومتى قيل: لم لم ينكر قولهم اذهب أنت وربك؟

  فجوابنا فيه قولان:

  الأول: الكلام كله إنكار عليهم وتعجيب من جهلهم، ومقابلتهم أمر نبيهم بالرد والمخالفة.

  والثاني: أنهم قالوا مجازا، والمراد اذهب أنت ويعينك ربك، والأول أليق بأولئك الجهال فقد كانوا مشبهة؛ ولذلك عبدوا العجل، ولو عرفوا الله حق معرفته لم يكن لهم شبهة في العجل، قال الحسن: كانوا مشبهة، وهذا كفر منهم بِاللَّهِ تعالى.

  «فَقَاتِلاَ» حاربا معا الجبارين «إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ» إلى أن تظفروا بهم، وترجعوا إلينا، فحينئذ ندخل.

  · الأحكام: تدل الآية على جهل الأكثر من بني إسرائيل، وردهم على الرسول.

  وتدل على أنهم كانوا مشبهة. وروي أن النبي ÷ لما صده المشركون عام الحديبية عن البيت قال: «إني ذاهب بالهدْي وناحر عند البيت»، فقال المقداد: يا رسول اللَّه، لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك، ولكنا نقاتل عن يمينك وشمالك وبين يديك وخلفك، ولو خضت بحرًا لخضناه معك، ولو علوت جبلاً لعلونا معك، فلما سمع أصحاب رسول اللَّه ÷ كلامه تابعوه على ذلك، فسر بذلك رسول اللَّه ÷، ورضي عنهم.

قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ٢٥ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ٢٦}