قوله تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير 165 وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين 166 وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون 167 الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين 168}
  إليه، وقيل: الحكمة: السنة عن قتادة، وقيل: الحكمة: الفقه في الدين، ويزكيهم قيل: يطهرهم من ذنوبهم باتباعه، وقيل: شهد بأنهم أزكياء، وقيل: يدعوهم إلى ما يكونون به زاكين، وقيل: يأخذ منهم الزكاة التي يطهرهم بها عن الفراء «وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ» يعني من قبل بعثته «لَفِي ضَلاَلٍ» عن الهدى «مُبِينٍ» بين ظاهر.
  · الأحكام: تدل الآية على عظيم نعمه على عباده ببعثه رسولا على الصفة التي بَيَّن، ولا نعمة أعظم من ذلك؛ لأنهم به نجوا من العذاب، وبه أدركوا الثواب.
  وتدل على بطلان مذهب الْمُجْبِرَة في الاستطاعة؛ لأنه تعالى بين أن وجه الإنعام بالرسول والبيان، فلو كان كلفهم ولا قدرة لم ينفع البيان، ولولا البيان لما كان منعمًا به فمع فقد القدرة أولى.
  وتدل على بطلان قولهم في المخلوق؛ لأن على قولهم لو خلق فيهم الإيمان آمنوا سواء وجد البيان أوْ لم يوجد، ولو لم يخلق لم يكن، فأي فائدة في البيان!
  فكيف يُعَدُّ هذا البيان نعمة.
  تدل على بطلان قولهم من وجه آخر، وهو أنه بعثه من قومه ليكونوا أقرب إلى القبول فكيف يصح ذلك، وعندهم الأمر موقوف على خلقه لا على البيان والرسول؟
قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٦٥ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ ١٦٦ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ١٦٧ الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١٦٨}