قوله تعالى: {الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين 7 ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين 8 ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون 9 وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون 10 قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون 11}
  ويدل قوله: {مَا لَكُم} الآية أن من دخل النار فلا شفيع له، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ.
  ومتى قيل: كيف يصح أن يكون هو الشفيع حتى قال: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ}؟
  قلنا: من رحمته تجويز أن يفعل ما يقوم به الشفيع، وقيل: يأمر الملائكة بالشفاعة، فكأنه من جهته؛ فلذلك أضافه إليه.
قوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ٧ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٨ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ٩ وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ١٠ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ١١}
  · القراءة: قرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب: «كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ» فقد حسنه وأحسن صورته، قال الأخفش: هو على البدل، تقديره: أحسن خلق كل شيء، كما تقول: رأيت بني فلان ناسًا منهم؛ أي: رأيت ناسًا منهم. وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي: «خَلَقَهُ» بفتح اللام، وهو قراءة سعيد بن المسيب، يعني: أحسن فَخَلَقَ كل شيء.
  فأما قوله {أَإِذَا ضَلَلْنَا} {أَإِنَّا} قد بَيَّنَّا مذهبهم، وأن منهم من لم يجمع بين استفهامين، ثم اختلفوا: منهم من يستفهم الأول دون الثاني، ومنهم من يستفهم الثاني، واختلفوا فمنهم يستفهم بمَدَّةٍ طويلة، ومنهم من يستفهم بهمزة، ومنهم من يستفهم بمَدَّةٍ غير طويلة، ومنهم من يجمع بين الاستفهامين، ثم يختلفون في الهمزة والمَدَّة، على ما ذكرنا.