قوله تعالى: {فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال ياويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين 31}
  صار من الخاسرين بقتل أخيه؛ لأنه خسر نفسه بأن أهلكها بذلك القتل، وقيل: أصبح من الحزب الَّذِينَ باعوا آخرتهم بدنياهم، فخسروا بيعهم، وقيل: خسر الدنيا والآخرة بقتله، وقيل: خسر أخاه، وقيل: كان لهابيل يوم قتل عشرون سنة.
  · الأحكام: تدل الآية أن القاتل من أهل النار، خلاف قول المرجئة.
  وتدل على أن إرادة العقاب تحسن، لذلك قال: «أُرِيد أَنْ تَبُوءَ بإثمي» أي: بعقاب إثمي، فاستدل بعضهم بقوله: «فَأَصْبَحَ» على أنه قتله ليلاً، وليس كذلك؛ لأن عادة العرب إذا بينوا وقوع المرء في مضرة يقولون: أصبح خاسرًا لصفقته، ويعنون حصوله كذلك، لا أن ذلك الأمر يتعلق بالصباح دون سائر الأوقات.
  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك قال: «فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ»، وقال «فَقَتَلَهُ».
قوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ٣١}
  · اللغة: أصل البحث: طلب الشيء في التراب، يقال: بحثت عن الأمر بحثًا، ثم يستعمل في غيره، تقول: بحثت عن هذا الأمر وهذه المسألة بحثًا، السوءة: التي تكره، وساءه يسوءه سوءًا: إذا أتاه بما يكرهه.
  · المعنى: «فَبَعَثَ اللَّه غُرابًا» قيل: لم يدر كيف يصنع به حتى رأى غرابًا حيًّا يدفن غرابًا ميتًا، عن ابن عباس وابن مسعود وأبي مالك ومجاهد وقتادة والضحاك، وقيل: عادة