قوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب 214}
  وتدل الآية على أن مع كل نبي كتابًا، ولا نكلف معرفة الكتاب إذا لم نكلف العمل به، ولا تكون معرفته لطفًا لنا، وإن كان الإيمان بها في الجملة من تكليفنا ولطفًا لنا.
  ومتى قيل: هل يجوز نبي بلا كتاب؟
  قلنا: نعم، وتدل على أن كتب الأنبياء حجة لولا ذلك لم يقل: «لِيَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ» دل أنه يرجع إليه في معرفة الحق والحكم به.
  وتدل على أنهم لما كفروا بعد البيان وإزاحة العلة استحقوا الوعيد فيوجب أنهم أُتُوا من قِبَلِ أنفسهم.
  وتدل على بطلان الجبر؛ لأنه تعالى إذا لم يؤاخذ متى لم يبين، فكيف يؤاخذ إذا لم يقدر، ولم يجعل له سبيلاً إليه.
  ومتى قيل: كيف يحكم بينهم، وكلهم مبطلون؟
  فجوابنا: بينا أن بعضهم كفر بالتقصير، وبعضهم بالغلو، فبين الكتاب الحق في ذلك، كما أن اليهود والنصارى اختلفوا في عيسى # فجاء القرآن بالحق.
  ويدل قوله: «فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا» على أن كلا الاختلافين باطل، وأن الهدى في خلافهما.
  وتدل على أنه يبعث الأنبياء للوعد والوعيد، وإنما قدم ذلك قبل الشرع؛ لأنه تقدم البشارة والإنذار في العقليات والتوحيد، ثم بَيَّنَ الشرائع، فيستقيم الأمر.
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ٢١٤}
  · القراءة: قرأ نافع: «حتى يقولُ» برفع اللام، والباقون بالنصب، والنصب على الغاية،