التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 62}

صفحة 410 - الجزء 1

  وتدل على أنه تعالى لا يخلي عباده من نعمه وإن عصوا.

  وتدل على أنه يجوز أن تختلف المصالح والتكليف عند المسألة كما اختلف في حق أولئك عند سؤالهم.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢}

  · القراءة: قرأ نافع «الصابين» بغير همز، والباقون بالهمز، فأما ترك الهمز فيحتمل وجهين:

  أحدهما: أن يكون من صبا يصبو: إذا مال إلى الشيء فأحبه، والآخر: قلب الهمزة فتقول: الصابين، والصابون على ذلك، والاختيار الهمز؛ لأنه قراءة الأكثر، وإلى معنى التفسير أقرب؛ لأن أهل العلم قالوا: هو الخارج من دين إلى دين.

  وقراءة العامة «هَادُوا» برفع الدال، وعن ابن السمال «هَادَوْا» بنصبها من المهاداة، أي مال بعضهم إلى بعض في دينهم.

  · اللغة: الهَوْدُ: التوبة، ومنه: {هُدْنَا إِلَيْكَ} أي تبنا، وأصله الطمأنينة، فكأن التائب اطمأن إلى الإقلاع عن الذنب.

  ويقال: لم سمي اليهود يهودًا؟ ومم أخذ؟

  قلنا: اختلفوا فيه، فقيل: لأنهم هادوا، أي: تابوا من عبادة العجل، وقالوا: إنا هدنا إليك، عن ابن جريج، وقيل: تَهَوَّدَ تَفَعَّلَ من هاد، وبينهما هوادة من ذلك، عن قطرب، وقيل: نسبوا إلى يهوذا أكبر ولد يعقوب، والأعجمية إذا أعربت غيرت عن لفظها، فحولت الذال دالاً، وقيل: لأنهم هادوا أي مالوا عن الإسلام وعن دين موسى، يقال: هاد: مال، وقيل: لأنهم يتهودون أي يتحركون عند قراءة التوراة،