التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم 119}

صفحة 568 - الجزء 1

  عن أبي مسلم، «تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ» قيل: في الكفر والإعراض عن الأنبياء والبعث، كقول اليهود لموسى #: {أرَنَا اللَّهَ جَهرَةً} وقول النصارى لعيسى: {يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} وقول العرب لمحمد ÷: حول لنا الصفا ذهبًا، وقيل: بالكفر.

  واختلفوا في قوله: «قُلُوبُهُمْ» قيل: قلوب النصارى واليهود، عن مجاهد، وقيل: العرب واليهود والنصارى، عن قتادة والربيع، «قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ» يعني الحجج والمعجزات التي يعلم بها صحة نبوتة «لِقَوْم يُوقِنُونَ» قيل: أيقن به قوم حيث تدبروا، فدلهم على الحق، فالواجب على هَؤُلَاءِ أيضًا أن يستدلوا.

  ويقال: لِمَ لم يؤتوا ما طلبوا فيكون آكد بالحجة؟

  قلنا: لأن المصالح لا تقف على اختيار العباد، بل يختارون المفسدة، وهو تعالى العالم بالمصالح، فَيُظْهِرُ ما يكون لطفًا وصلاحًا، ولا يُظْهِرُ ما يكون بخلافه.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الاقتراح على الأنبياء بالمعجزات لا يجوز.

  وتدل على صحة الحجاج في الدين؛ لأن الآيات تطلب لذلك.

  وتدل على بطلان قول أصحاب المعارف؛ لأنه أَثْبت قَوْمًا تَعْلَمُ، وعندهم الجميع سواء في ذلك، ولأنه أثبت قوما لا تعلم.

قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ١١٩}

  · القراءة: قرأ نافع ويعقوب: «تَسْأَلْ» بالجزم، وفتح التاء على النهي والباقون برفع التاء واللام على الخبر، فأما قراءة نافع فتحتمل وجهين: