التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والله يعلم ما تسرون وما تعلنون 19 والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون 20 أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون 21 إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون 22 لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين 23}

صفحة 4013 - الجزء 6

  ويدل قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أنه أراد من الجميع الشكر خلاف ما تقوله الجبرية.

  وتدل على عظيم محل القرآن لما تضمن من تفصيل هذه الأدلة وعجائب الصنعة بأحسن لفظ وأوجزه وأفصحه، وأتم معنى وأبينه، فبين سبحانه أن من تفكر في هذه الأشياء يتوصل إلى معرفة المنعم، فيتبع أمره ونهيه دون هواه، ثم خص من يعقل، لأن من لا يعقل لا يصح منه ذلك، ثم قد يعقل الإنسان عن ذلك في بعض أوقاته، فبين أن فيه حجة لقوم يتذكرون الحجة والمعرفة، وطرق الاستدلال، فيعقلون المعرفة، ولا يحتاج في كل مرة إلى التفكر في الأدلة فإذا تفكر وعلم شكر المنعم، تبين أن غرضه شكر المنعم، ثم بين أنه فعل جميع ذلك لمنافعهم وليهتدوا، ولما تمم الحجج ودل بذلك على صحة الحجاج في الدين حاجهم في الأوثان بأنها لا تخلق، ولا تنفع، ولا تضر، فلا تستحق العبادة، فإن العبادة يستحقها من قدر على أصول النعم، وأنعم بها حتى لا يمكن عدها لكثرتها.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ١٩ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ ٢٠ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ٢١ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ٢٢ لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ٢٣}