قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير 180}
  · المعنى: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ» أي لا تظنن أيها السامع أو أيها الإنسان أو لا تظنن يا محمد والمراد غيره، وبالياء لا يحسبن الباخلون «الَّذِينَ يبخَلُونَ بما آتاهُمُ اللَّه مِنْ فَضْلِهِ» أي أعطاهم من الأموال فيبخلون بإخراج الحقوق، وقيل: هو في الزكاة، وقيل: في سائر الواجبات، وقيل: هو البخل ببيان صفة محمد عن الأصم «هُوَ خَيرًا لَهُمْ» يعني البخل خيرًا لهم، وقيل: بخلهم خير من الإنفاق في سبيل اللَّه «بَلْ هُوَ شَرّ لَهُمْ» ابتداء كلام أي ليس كما يظنون بل ذلك البخل شر لهم «سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بهِ» يعني ما بخلوا به من المال يجعل طوقًا لهم، واختلفوا في معناه، قيل: يجعل ذلك المال الذي منع زكاته وبخل به شجاعًا أقرع ويطوق به فينهش عنقه ومن قَرْنِهِ إلى قدمه ويقول: أنا مالُك، فلا يزال كذلك حتى يساق إلى النار عن ابن عباس وابن مسعود وأبي وائل والشعبي والسدي، وروي ذلك مرفوعًا، وقيل: طوق من نار عن إبراهيم، وقيل: يتكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به من أموالهم عن مجاهد، وقيل: هو قوله: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} يعني أنه يجعل طوقًا فيعذب بها عن أبي علي، وقيل: معناه: إن وباله يعود عليهم فيصير طوقًا لأعناقهم عن أبي مسلم، كقوله تعالى:
  {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} والعرب تعبر بالرقبة والعنق عن جميع البدن، كقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبةٍ} وقيل: سيطوقون إثمه ووباله، «وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» ترغيب في الإنفاق وبيان أن أملاكهم تزول، وأنه يبطل جميع الأملاك ويبقى ملكه، فكأنه عاد ميراثًا إليه، وقيل: هو بيان أنه دائم لا يزول باق لا يفنى، ترغيب في طاعته والانقطاع إليه، «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» أي عالم بأعمالكم فيجازي كل أحد بعمله، وفيه ترغيب وترهيب.
  · الأحكام: تدل الآية أن البخل صفة ذم، وإذا ثبت ذلك ثبت أنه لا يكون إلا في منع واجبا، ويؤيده أن فعله شر له، وذلك لا يكون إلا في ترك الواجب، فيدل أن الآية وردت في مانعي الزكاة وسائر الواجبات دون النوافل، ويدل قوله: «سَيُطَوَّقُونَ» على