التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون 187}

صفحة 1420 - الجزء 2

  · النظم: قيل: حكى عنهم نقض الميثاق كما حكى فيما تقدم أفعالهم الخبيثة، وقيل: لما تقدم «فَإِنْ كَذَّبُوكَ» بيّن أنهم كذبوا مع تأكيد العهد عليهم.

  · المعنى: «وَإِذْ أَخَذَ ا [للَّهُ مِيثَاقَ]» أي اذكرْ أيها الرسول أمر هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أخذ عليهم الميثاق، قيل: هو اليمين الذي أخذها الأنبياء على أممهم ليبينوا أمر محمد للناس عن أبي علي، وقيل: هو أمر أهل الكتاب ببيان ما أوتوا «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» قيل: اليهود عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي، وقيل: اليهود والنصارى عن أبي علي، وقيل: كل من أوتي علم شيء من كتب اللَّه فقد أخذ ميثاقه «لَتَبَيِّنُنَّهُ» ولا تكتمه عن محمد بن كعب والحسن وقتادة والأصم، قال الأصم: ذكروا أن الحجاج قال للحسن: أنت الذي قلت: إن النفاق كان مقموعًا فأصبح وقد عمم وتقلد سيفًا؟ قال: نعم، قال: فما حملك على ذلك؟ قال: الذي أخذ ميثاق الَّذِينَ أوتوا الكتاب لتبيننه ولا تكتمونه «لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ» لتظهرن لهم ذلك، قيل: أَمْر محمد؛ لأن في كتابهم أنه رسول وأن الدين هو الإسلام، وقيل: ما في الكتاب عن الحسن يعني كل علم أوتي، وروي أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: إن كعبًا يقرئكم السلام وكان في المسجد ومعه جماعة من الصحابة ويقول: ليست هذه الآية فيكم، فقال ابن مسعود: أقرئه السلام وأخبره أنها نزلت وهو يهودي «وَلَا تَكْتُمُونَهُ» أي لا تخفونه عند الحاجة «فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ» أي طرحوه خلف ظهورهم يعني ضيعوه وتركوه فلم يعملوا به، فبينه بما يرمى وراء ظهره حتى ينساه، وهو مَثَل سائر فيمن يترك شيئًا فلا يعمل به، قال ابن عباس والشعبي: تركوا العمل به وكانوا يقرؤونه «وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا» قيل: كتموا صفة محمد ÷ وأظهروا اليهودية وأخذوا عليه شيئًا يسيرًا من أتباعهم وعوامهم، وقيل: تركوا الإسلام لرئاسة لهم خافوا زوالها، وقيل: أخذوا الرشوة وغيروا الأحكام وأفتوا بغير الحق، فكأنهم بنقض الميثاق وأخذ العوض باعوا ذلك واشتروا ما أخذوه