التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا 22}

صفحة 1505 - الجزء 2

  · الإعراب: «إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ» استثناء منقطع؛ لأنه لا يجوز استثناء الماضي من المستقبل، ومعناه لكن ما سلف، ونظيره: لا يبلغ من مالي إلا ما بغيت ولا يأكل إلا ما أكلت، ومنه: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} و (ما) في قوله: «إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ» قيل: بمعنى (الذي) قال أبو مسلم: معناه بعد الذي سلف، والهاء في قوله: «إنه كان» قيل: يرجع إلى النكاح بعد النهي، وقيل: على النكاح الذي كان عليه أهل الجاهلية، قيل: قال أبو علي: والصحيح عندنا هو الأول، وتقديره: إلا ما سلف من النكاح والسلامة منه بالتوبة والإنابة.

  وقوله: «كان فاحشة» قيل: [كان] زائدة عن أبي العباس، والمعنى أنه فاحشة، وأنكره الزجاج، وقال: لو كانت زائدة لم تعمل، وقيل: إنها دخلت لتدل أنه قبل تلك الحال فاحشة، نحو قوله: {اللَّهُ غَفُوَرًا رَّحِيمًا} عن علي بن عيسى [بأنها] نصب على التمييز، وقيل: على الحال.

  · النزول: قيل: نزلت الآية فيما كان يفعله أهل الجاهلية من نكاح امرأة الأب، عن ابن عباس وقتادة وعكرمة وعطاء.

  وقيل: توفي أبو قيس، وكان منْ صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأة أبيه، فقالت: إني أعدك ولدًا وأنت من صالح قومك، ولكني آتي رسول اللَّه ÷ فأستأمره، فأتته وأخبرته، فنزلت: «وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِّسَاء».

  وقيل: نزلت في قوم تزوجوا امرأة أبيهم منهم ابن أبي قيس هذا والأسود بن خلف تزوج امرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب، ومنظور بن زبان تزوج امرأة أبيه مليكة بنت خارجة.