قوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا 35}
  أولها: ما الشقاق، وكيف يخاف؟
  والثاني: من يبعث الحكمين؟
  والثالث: صفة الحكمين.
  والرابع: ما يفعله الحكمان.
  والخامس: ما ينفذ من حكمهما، وما لا ينفذ.
  أما الأول فإنما يخاف الشقاق إذا ظهر بينهما تباعد، فيبعد كل واحد منهما عما أمره اللَّه به، فإذا ظهر ذلك والتبس الحال فلا بد من نَاظِرٍ فيما بينهما.
  فأما الثاني: فقد بينا ما قيل فيه، والصحيح أن الإمام و مَنْ يلي من جهته يبعث الحكم نحو القاضي والوالي؛ لأنه بمنزلة سائر الأحكام فيتولاها القضاة والأئمة.
  فأما الثالث: فيجب أن يكونا عدلين من أهل الدين والرأي والاجتهاد، ولا يميلان بالهوى ليوثق بقولهما.
  فأما الرابع: فهو أنهما يتعرفان الحال بينهما، فيخلوان بالزوج ويقولان، فإن علما منه كراهية الصحبة علم أن النشوز من جهته، وإن قال: أهواها ولا تفرق بيننا، فيخلوان بها، فإن كرهت هي الصحبة علم أن النشوز من جهتها، ثم يصالحان بينهما، فإن تم، وإلا فالمخالعة والمفارقة. ثم هل يملكان الخلع؟ فمنهم من قال: لا إلا بتوكيل، ومنهم من قال: يملكان بالتحكيم، ومنهم من قال: يحتاج إلى إذن الحاكم والأول الوجه، وهو قول أهل العراق؛ لأن الطلاق إليه فالإذن إليه، والثاني: قول مالك.
  والخامس: دخل فيما ذكرنا.
  وتدل الآية على أن كل من خاف فيه فرقة وفتنة جاز بعث الحكمين للإصلاح،