التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 327 - الجزء 1

  والاستكبار والتكبر والتعظم والتجبر نظائر، ونقيضه التواضع، والكبرياء اسم للتكبر والعظمة قال الشاعر:

  مُلْكُهُ مُلْكُ رَأْفَةٍ لَيْسَ فِيهِ ... جَبَرُوتٌ يُرَى وَلاَ كِبْرِيَاءُ

  وأصل الباب: الكِبَرُ وهو العظم، ثم يستعمل على وجهين: كبر الجثة، وهو الأصل، وكبر الشأن واللَّه تعالى كبير بمعنى عظيم الشأن واسع المقدور والمعلوم.

  وإبليس: قيل: اسم أعجمي معرب؛ ولذلك ترك صرفه، عن الزجاج وجماعة من النحاة، وقيل: هو من الإبلاس، وأنشد العجاج:

  يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا ... قَاَل نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا

  قالوا: إنما لم يجز استثقالاً؛ إذ كان اسمًا لا نظير له في العربية، فشبه بأسماء العجم ولا يجزي، والأول الصحيح، وهو أنه اسم أعجمي عُرِّبَ وتُرِكَ صرفه، وقوله: لا نظير له ليس كذلك؛ لأنهم قالوا: إزميل اسم للشفرة، والإغريض الطلع، ونظائره تكثر.

  · الإعراب: يقال: ما موضع (إذ) في قوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ)؟

  قلنا: موضعها نصب لا عطف على (إذ) الأولى، كأنه قيل: واذكر إذ قال ربك، وقال أبو عبيدة: لا موضع لها لأنها زائدة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما آتى آدم من الإكرام والتعظيم، فقال: «وَإذْ قُلْنَا» أي اذكر يا محمد إذ قال ربك «لِلْمَلَائِكَةِ اسجدوا لآدَمَ» قيل: أمرهم بالسجود له على وجه التحية