قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  ودليل أنه ليس من الملائكة وجوه:
  أولها: ما قدمنا من قوله: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ}.
  وثانيها: أنه قال في صفة الملائكة من غير تخصيص: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} وثالثها: أن إبليس له نسل وذرية كالإنس بخلاف الملائكة، قال اللَّه تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ}.
  ورابعها: أنه خُلِق من النار، وخلقوا من الريح، عن أبي علي، وقيل من النور، عن الحسن.
  وخامسها: أن اللَّه تعالى قال: {جَاعِلِ الملائكة رُسُلًا} فعمهم بهذا الوصف، وَرسلُ اللَّه معصومون لا يعصون.
  «أبى» امتنع عن السجود لآدم، وقيل: كره، وليس بالصحيح؛ لأنه ليس في اللغة.
  «وَاسْتَكْبَر» أي تعظم وتجبر، وأَنِفَ من السجود لآدم.
  ومتى قيل: إذا لم يكن إبليس من الملائكة، فما الدليل على أنه أُمِرَ معهم بالسجود؟
  قلنا: قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} ولأنه عاقبه على ترك السجود.
  «وَكانَ مِن الْكَافِرِينَ»، قال الحسن: هو أول كافر، ومعنى قولهم: كان من الكافرين كقولهم كان آدم من الإنس، وقال تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ولم يكن جِنَّيٌّ قبله، وهو قول أبي علي، قال: معناه: صار من الكافرين، نحو قوله: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} وقيل: كان قبله قوم كفروا من الجن، وقيل: كان في علم اللَّه تعالى من الكافرين، وقيل: لما مر إبليس بآدم قبل ذلك أضمر إن أُمِرَ باتباعه ألا يتبعه فصار كافرًا.
  · الأحكام: الآية تدل على أنَّ الملائكة سجدوا لآدم كما أمروا به.
  ومتى قيل: هل سجودهم له على أنه أفضل منهم؟