قوله تعالى: {وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا 72 ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما 73}
  · النزول: قيل: نزلت الآية في المنافقين، كانوا يثبطون الناس عن الجهاد، فإذا أصابتهم مصيبة قالوا قَوْلَ الشامت بهم تلك الكلمات، عن الحسن ومجاهد وقتادة وابن جريج وابن زيد والأصم وأبي علي.
  وقيل: نزلت في المؤمنين؛ لأنه ابتداء فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» ثم قال: «وَإنَّ مِنْكُمْ» وقد قال في المنافقين: {مَا هُم مِّنكم وَلَا مِنهُم} وعلى القول الآخر هو خطاب على الحذف كأنه قيل: وإن منكم على زعمه في الظاهر، أو في حكم الشرع، ونحو ذلك.
  · المعنى: لما حث على الجهاد بين حال المثبطين، فقال تعالى: «وَإنَّ مِنْكُمْ» يعني منكم جماعة «لَيُبَطئَنَّ» قيل: يتخلفون عنه في الخروج، والمبطئ: المتخلف عما يجب عليه عن أبي مسلم، وقيل: يثبطون الغير عن الخروج مع الرسول عن الأصم «فَإِنْ أَصَابَتكمْ مصيبَةٌ» قيل: جراح أو هزيمة «قَالَ» هذا المنافق المتخلف «قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ» شماتة بكم وسرورًا بتخلفه، قد أنعم اللَّه علي بالقعود «إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا» أي حاضرًا في القتال فكان يصيبني ما أصابهم «وَلَئِنْ أَصَابَكمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ» يعني فتحًا وغنيمة يتحسر ويقول: يا ليتني كنت معهم، وقوله: «لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ» اختلفوا في تقديره على ثلاثة أقوال:
  الأول: أنه اعتراض بين القول والتمني، يعني يتمنون لا لنصرتكم، كأنه ليس بينكم وبينه مودة، ولكن يتمنى لنفع نفسه، تقديره: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا من الغنيمة، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة.
  الثاني: على التقديم والتأخير تقديره: فإن أصابتكم مصيبة قال: قد أنعم اللَّه علي إذ لم أكن معهم شهيدًا كأن لم يكن بينكم وبينه مودة.