قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  اللسان وليس بمتكلم، وكذلك الصدى، والجملة هي المتَكَلَّم، لا محلة الكلام.
  وأجناس الكلام ستة: أمر، ونهي، وخبر، واستخبار، ونداء، وتَمَنٍّ، ويمكن أن يرد ذلك إلى وجه واحد، وهو الخبر، فإذا قال: افعل فكأنه قال: أريد أن تفعل، وإذا قال: لا تفعل، كأنه قال: أكره أن تفعل، وإذا قال: يا زيد كأنه قال: أريد أن يأتي زيد، وإذا قال: ليت زيدًا عندنا كأنه قال: نتمنى كونه عندنا.
  والتوبة والندم والإنابة نظائر، ونقيضه الإصرار. تاب: إذا ندم، واللَّه التواب: قابل التوبة، وحقيقته: الندم على ما سلف والعزم على ترك المعاودة.
  · الإعراب: «آدَمُ» رفع لأنه الفاعل، والمفعول الكلمات، وإذا نصب فهو المفعول، والكلمات بالرفع هو الفاعل.
  ونصب اسم اللَّه؛ لأنه اسم (إنّ)، والتَّوابُ الخبرُ.
  · المعنى: لما تقدم ذكر ما سلف من آدم من الصغيرة عقَّبه بذكر توبته وما بادر إليه، لكي يقتدي به بنوه، فقال تعالى: {فَتَلَقَّى} أي قبل وأخذ «مِنْ ربه» يعني رب آدم ورب كل شيء «كلمَاتٍ» قيل: هي قوله: {رَبَّنا ظلمنَا أَنفُسَنَا} الآية. عن الحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والأصم، وقيل: هو قوله: (سبحان اللَّه، والحمد لله، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر)، والأول أولى؛ لدلالته على الندم. وقيل: إنه نظر إلى العرش فرأى مكتوبًا على ساقه: «لا إله إلا اللَّه، محمد رسول اللَّه»، فقال: يا رب بحق محمد أن تغفر لي، فهي الكلمات. وقيل: أراد بالكلمات إنزال وجوب التوبة وبيانها والدعاء إليها، في معنى قول أبي علي. وقيل: إنه دعا ربه بذكر النعم التي خصه بها، فقال: يا رب ألم تخلقني؟ ألم تنفخِ فيَّ مِنْ روحك؟ ألم تُسْكِنِّي جنتك؟ يا رب فلماذا أخرجتني؟ قال: بشؤم معصيتك، قال: يا رب إن تبت أرجع إلى الجنة؟