قوله تعالى: {يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون 40}
  والعهد: الأمر، والعهد: الوصية.
  والرهبة: الخوف والخشية، ومنه الراهب، ومنه رهَبُوت خير من رحَمُوت، يعني أن تُرْهَبَ خير من أن تُرْحَمَ، والرهبة قيل: جنس برأسه من أجناس الأعراض عندنا أنه يرجع إلى الاعتقادات، فمن اعتقد في شيء ضررًا دعاه إلى اجتنابه، فهو رهبة، ومن اعتقد فيه نفعًا دعاه إلى فعله، فهو رغبة.
  · الإعراب: يقال: هل يجوز أن ينتصب «إِيَّايَ» بقوله: «فَارْهَبُونِ»؟
  قلنا: لا، لكن بما دل عليه لأنه مشغول بالضمير، كما لا يجوز: زيدا فَاضْرِبْهُ، فتنصب (زيدًا) بقولك: «فاضربه» إذْ كان مشغولا بضميره، ولكن نصبه بإضمار فعل يفسره هذا المذكور، كأنه قال: إياي ارهبوا فارهبون، ولكنه مستغنٍ عنه بما يفسره، فلا يظهر، وإنْ صح أنه مقدر.
  ويقال: لم اختير تحريك الياء من «نِعْمَتِي»؟
  قلنا: لأنه لقيها ألف ولام فلا بد من إسقاطٍ أو تحريك، فكان التحريك أولى؛ لأنه أدل على الأصل، وأشكل بما يلزم اللام في الاستئناف من فتح ألف الوصل، والاختيار في «يَا عِبَادِي» ألا تثبت بالإضافة في النداء، وإذا لم تثبت لم يكن سبيل إلى التحريك.
  · النزول: قيل: نزلت في اليهود والنصارى الَّذِينَ كانوا في عصر النبي ÷ وقيل: هو عامٌّ، وقيل: في اليهود والنصارى.
  · المعنى: لما عم تعالى الخلق بالحجج على توحيده، وذكرهم نعمته عليهم بآدم وغيره، خص بني إسرائيل بالحجج، ذكرهم بما أسدى إليهم وإلى آبائهم من النعم، فقال: «يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ» يعني يا بني يعقوب، نسبهم إلى الأب الأعلى، كما قال: {يَا بَنِي آدَمَ}