التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير 17 وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير 18}

صفحة 1916 - الجزء 3

  إنقاذ شيِء من أمره إلا بك، ومنه الأملاك؛ لأنه يقدر على التصرف فيه، ومنه:

  {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} القادر عليه، ومنه المملوك، والمِلْك المال؛ لأن به تملك الأمور.

  والمصير والمرجع من النظائر، صار يصير.

  · الإعراب: يقال: لم قال: «بينهما» بعد ذكر السماوات والأرض، ولم يقل: «بينهن»؟

  قلنا: لأنه ذهب مذهب الصنفين والنوعين.

  · النزول: قيل: جاء رهط من اليهود إلى النبي ÷ ودعاهم إلى اللَّه وإلى الإسلام، وحذرهم نقماته وعقوباته، فقالوا: لا تخوفنا فإنا أبناء اللَّه وأحباؤه، فنزلت (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) عن ابن عباس.

  وقيل: إن رهطًا من الصحابة خاصموا جماعة من اليهود والنصارى في الدين فعيروهم بالكفر وبغضب اللَّه، فقالت اليهود: إنما يغضب اللَّه علينا كما يغضب الرجل على ولده، ثم يرضى عنا، وإنا لأبناء اللَّه وأحباؤه، فنزلت الآية.

  · المعنى: ثم حكى عن النصارى قولهم في المسيح، فقال تعالى: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» الكفر، وإن كان في اللغة الستر ففي الشرع وضع لاستحقاق أعظم العقاب، وهو صفة ذم، فلما وصفوا اللَّه بما لا يجوز عليه كفروا بذلك، واستحقوا أعظم العقاب، وقيل: أراد جحدوا صفة اللَّه تعالى، يعني أنه لا يشبه