قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون 46}
  فَقُلْتُ لَهُمْ ظنوا بِأَلْفَيْ مُدَجَّجٍ ... سَرَاتُهُمْ في الفَارِسِيِّ المُسَرَّدِ
  وتستعمل بمعنى الشك، والقرآن جاء بهما، فأما بمعنى اليقين فقوله: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ} وبمعنى الشك: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} والظن يكون اسمًا ويكون مصدرًا، فإذا قلت: ظننت ظنًّا فهذا مصدر، وإذا قلت: ظني به كذا جعلته اسمًا، والظن قد يحسن كما في المسائل الاجتهادية، وقد يقبح كما في أصول الدين.
  وأصل الملاقاة: الملاصقة، ثم قد يستعمل في غيره، يقال: التقى الفارسان.
  والرجوع: العود إلى حال كان عليه هذا لصلة، ثم يستعمل في غيره توسعًا ومجازًا.
  · الإعراب: يقال: لم حذفت النون من «مُلاَقُو رَبِّهِمْ»؟
  قلنا: قال البصريون: حذفت تخفيفًا، والمعنى على إثباتها، ومثله: {إِنَّا مُرسِلُو الناقة} وقال الكوفيون: إذا حذفت النون فللفظ الاسم، وإذا ثبت وظهر النصب فلمعنى الفعل، ولا يجوز كسر (إن) الأولى؛ لأن الظن واقع عليها، ويجوز في الثانية الكسر، والقراءة بالنصب فيهما.
  · المعنى: لما تقدم ذكر المؤمنين أتبعه ببيان صفتهم فقال تعالى: «الَّذِينَ يَظُنُّونَ» يعني يوقنون، والظن بمعنى اليقين عند أكثر أهل العلم: الحسن ومجاهد وأبي العالية وابن جريج وغيرهم، ونظيره: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} وقيل: إنه بمعنى الظن لا اليقين، والمعنى يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم لشدة إشفاقهم من الإقامة على معصية اللَّه تعالى، وفيه بُعْد لكثرة الحذف، وقيل: إنه لا يفارق قلبه ظن الموت في