التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين 46 وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون 47}

صفحة 1984 - الجزء 3

  كناية عن الإنجيل، وقيل: الكناية ترجع إلى غير مذكور، والمراد ليحكم أهل الإنجيل بما أنزل اللَّه في القرآن «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» أي الخارجون عن الدين، وقيل: المراد به الكافرون، وحملوا الظلم والفسق على الكفر، وجعلوا الثلاثة صفة لموصوف واحد، وقيل: الأول في الجاحد، والثاني والثالث على المقر التارك، وقيل: الفاسقون الكاذبون عن ابن زيد، وقيل: الأول والثاني في اليهود والثالث في النصارى، عن الأصم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الإنجيل كلامه تعالى أنه أنزله على عيسى #.

  وتدل على أنه محدث حيث وصفه بالإنزال، وأنه بعد التوراة.

  وتدل على أنه هدى ونور، والمراد أدلة التوحيد والعدل؛ إذ لو أراد الشرائع لما كان بعضه مصدقًا لبعض.

  وتدل على أن أدلته لا تتناقض؛ لذلك وصف الكتب بأن بعضها يصدق بعضًا، ولا يقال: كيف يصح هذا في الناسخ والمنسوخ؛ لأن المنسوخ هدى ونور في وقته.

  وتدل على أن أهل الإنجيل مأمورون بالحكم به، ولا شبهة أنه مع نسخه لا يلزم الحكم به، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ لذلك قال: «وليحكم» وأوعد من لم يحكم.

  وتدل على قراءة حمزة أنه أنزل ذلك ليحكم به، أي يريد بإنزاله أن يُحكم به، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ: إنه أنزله لئلا يحكم به قوم.