التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون 55 ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون 56}

صفحة 2003 - الجزء 3

  وقيل: لما أسلم عبد اللَّه بن سلام هجره اليهود من موالاته وكلامه ومجالسته، فشكا ذلك إلى النبي، ÷ فنزلت الآية، فقال: رضيت بِاللَّهِ ورسوله والمؤمنين أولياء عن جابر.

  وقيل: نزلت في أمير المؤمنين علي # حين تصدق بخاتمه وهو راكع، عن مجاهد والسدي، وروي نحوه عن أبي ذر في حديث طويل - اللَّه أعلم بصحته - أن سائلاً سأل في المسجد فلم يعطه أحد شيئًا، وكان عليّ راكعًا فأومأ إليه بخنصره اليمين، وكان متختمًا، فأخذ السائل الخاتم، فلما فرغ النبي ÷ من صلاته قال: «يارب، إن موسى سألك فقال: «رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي»، اللَّهم وأنا محمد رسولك وصفيك، فاشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرًا من أهلي، عليًّا اشدد به أزري»، فنزل جبريل، وقال: اقرأ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّه» الآية.

  وقيل: نزلت في أبي بكر، عن عكرمة عن ابن عباس.

  وقيل: هو في جميع المؤمنين، عن ابن عباس، وأبي جعفر محمد بن علي، والحسن والضحاك والأصم وأبي مسلم، وأبي علي.

  · المعنى: لما نهى عن موالاة الكفار عقبه بذكر وجوب موالاة اللَّه ورسوله والمؤمنين، فقال سبحانه: «إِنَّمَا وَلِيُّكمُ اللَّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا» فاللَّه تعالى يتولاهم بمعونته، ورسوله بتعليمه، والمؤمنون يتولى بعضهم بعضًا بالنصرة والمودة، ثم وصف المؤمنين، فقال سبحانه: «الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ» وإقامتها أداؤها بجميع فروضها، وقيل: يديمونها «وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ» يعطون ما وجب عليهم في أموالهم «وَهُمْ رَاكِعُونَ» قيل: كانوا على هذه الصفة في وقت نزول الآية، منهم من يقيم الصلاة، ومنهم من هو راكع في