التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون 82 وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين 83 وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين 84 فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين 85 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم 86}

صفحة 2052 - الجزء 3

  اللَّه ÷، وعن سلمان قال: قرأت على رسول اللَّه ÷ «قِسِّيسِينَ» فقال: «صديقين ورهبانا» وهذا محمول على أنه وصفهم بذلك.

  · اللغة: المودة والمحبة من النظائر، ودِدْتُ الرجل أَوَدُّهُ، ومنه: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ٩}.

  والعداوة: نقيض الولاية.

  والقس والقسيس واحد، ومعناه: العبادة، إلا أنه صار كالعَلَمِ لرئيس من رؤساء النصارى، وجمعه: قُسُوسٌ، وأصله في اللغة: التمتمة فيمن يَقُسُّ قَسًّا: إذا أتم الحديث، ومصدره القُسُوسَة، والقَسِيسَةُ، فالقِسِّيسُ: الذي يتم حاله بالاجتهاد في العبادة.

  والرهبان: جمع راهب، كركبان جمع راكب، وفرسان وفارس، وقيل: رهبان واحد وجمعه: رَهَابِين، كقربان وقرابين، ويجوز رهابنة، وكل ذلك من الرهبة، وهي الخوف، رَهِبَ يَرْهَبُ رُهْبًا ورَهْبَةً: إذا خاف، والترهب: التعبد، والترهيب نقيض الترغيب، وقد صار هذا الاسم عَلَمًا لعلماء النصارى وزهادهم.

  والتكبر: ترك الحق أنَفَةً من قبوله، وأصله الكبر، وهو العظمة، والتكبر أن يتعظم بما ليس له.

  والفيض: السيلان عن شدة امتلاء، فاض النهر والإناء يفيض فيضًا، وجبر مستفيض، إذا كثر وانتشر، كفيض الماء عن كثرة.

  والطمع والأمل والرجاء من النظائر، والطمع: تعليق القلب بالمحبوب.