قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم 54}
  قلنا: لأن ياء الإضافة تحذف في النداء؛ لأنه موضع حذف يحذف فيه التنوين، ويحذف الاسم للترخيم، فلما كانت ياء الإضافة قد تحذف في غير النداء لزم حذفها في النداء، وأما في قوله: {يَالَيْتَ قَوْمِي} ياء الإضافة لم يدركها ما يوجب حذفها كما في الإضافة في النداء، ويجوز فيه ثلاثة أوجه: يا قوم بحذف الياء، وهو إجماع القراء، ويا قومي: بإثبات الياء، ويا قومي بفتح الياء.
  · المعنى: لما تقدم ما أتاه بنو إسرائيل من عبادة العجل بَيَّنَ توبتهم، فقال تعالى: «وَإذْ قَالَ» يعني اذكر إذ قال «مُوسَى لِقَومه» الَّذِينَ عبدوا العجل عند رجوعه إليهم «يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ» معبودًا «فَتُوبُوا إلَى بَارِئِكُمْ» أي ارجعوا بالندم والاستغفار إلى خالقكم «فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ» قيل: ليقتل بعضكم بعضًا، تقول العرب: قتل آل فلان رأي بعضهم، ومنه قوله: {وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا} عن ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير، وقيل: استسلموا للقتل، فجعل استسلامهم للقتل قتلاً منهم لأنفسهم على التوسع في اللغة، عن أبي علي.
  ويقال: من المأمور بالقتل؟ ومن القاتل؟
  قلنا: من لم يعبد العجل أمره بقتل من عبد العجل، وقيل: السبعون الَّذِينَ اختارهم موسى للميقات أمروا بقتل من سأل الرؤية من بني إسرائيل، عن ابن عباس وأبي علي، وقيل: السبعون الَّذِينَ لم يعبدوا العجل، وقيل: سبعون ألفا، عن الأصم.
  ويقال: كيف كان قتلهم لأنفسهم؟
  فلنا: قتل بعضهم بعضًا بأن عمدوا إلى الخناجر، فجعل بعضهم يطعن بعضًا، عن ابن عباس وجماعة، وقيل: غشيتهم ظلمة فجعل بعضهم يقتل بعضًا ثم انجلت الظلمة عن سبعين ألف قتيل.