التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون 124}

صفحة 2394 - الجزء 3

  يجب أن يوصل من العمل، والجريمة والجرم: الذنب، يقال: جاء زمن الجِرَام: أي صِرام النخل وقطعها.

  · الإعراب: «نؤتى» [الضمير]: موضعه رفع؛ لأنه اسم ما لم يسم فاعله.

  و «عند الله» قيل: نصب بنزع الخافض؛ أي: من عند اللَّه، وقيل: نصب على الظرف.

  «رسلُ» ضم؛ لأنَّهُ اسم ما لم يسم فاعله.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في الوليد بن المغيرة، قال: لو كانت النبوة حقًّا لكنتُ أولى بها منك؛ لأني أكبر منك سِنًّا وأكثر مالاً، فنزلت الآية.

  وقيل: نزلت في أبي جهل قال: زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كَفَرَسَيْ رهانٍ قالوا: منا نبي يوحى إليه، واللَّه لا نؤمن به ولا نتبعه إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فنزلت الآية، عن مقاتل.

  · المعنى: ثم ذكر تعالى عن أكابرهم الَّذِينَ تقدم ذكرهم اقتراحاتهم الفاسدة، فقال سبحانه: «وَإذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ» قيل: دلالة تلزمهم النظر فيها والاستدلال بها على توحيده وعدله، ومعجزة تدل على نبوة نبيه «قَالُوا» يعني الأكابر «لَنْ نُؤْمِنَ» لن نصدق بهذا «حَتَّى نُؤْتَى» نُعْطَى من المعجزة «مِثْلَ مَا» أعطي «رُسُلُ اللَّهِ»، وقيل: حتى نؤتى من الوحي والنبوة مثل ما أعطي رسل اللَّه، فتمنوا درجة لا يصلحون لها «اللَّه أَعْلَمُ حَيثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» أي: إنه أعلم بمن يصلح للرسالة؛ لأن الرسول يجب أن يكون معصومًا مختصًا بصفات مخصوصة تصلح للنبوة وفيه مصلحة للعباد، وكل ذلك لا يعلمه إلا اللَّه، فيجعل رسالاته حيث يعلم أنه يصلح «سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا» أي: سينال المجرمين