قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون 63}
  ويقال: ما موضع «خُذُوا» من الإعراب؟
  قلنا: النصب على تقدير (وقلنا) عند البصريين، وقد يحذف القول في كثير من الكلام، قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ٢٣ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ٢٤}. أي ويقولون: سلام، وقال بعض الكوفيين: لا حاجة إلى إضمار القول مع أن أخذ الميثاق قول، ولكن يتصل ب (أنْ) كقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} ويجوز حذف أن.
  · المعنى: ثم عاد إلى خطاب بني إسرائيل، فقال تعالى: «وَإذْ أَخَذْنَا» يعني اذكروا إذ أخذنا «مِيثَاقَكُمْ» أي عهدكم، والمراد عهد أسلافكم، والخطاب لليهود، وقيل: عهده على ضربين: أحدهما: ما فطر عليه الخلق، فجعله دليلاً على خالقه. والثاني: ما أمرهم على ألسن رسله فأخبر أنهم أوثقوا على أنفسهم بالسمع والطاعة فيما تعبدهم، وأخبر أنه عاهدهم عند رفع الطور، وقيل: هو الميثاق الذي أخذه منهم عند رفع الطور بأنهم تابوا، وعهدوا ألا يعودوا إلى ذنوبهم كعبادة العجل وغيره، وأن يعملوا بما في التوراة، عن أبي علي، وقيل: هو أخذ التوراة عن موسى، وقيل: في طاعة اللَّه واتباع رسله «وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ» قيل: الطور جبل أي جبل كان، عن مجاهد وقتادة، وقيل:
  الطور من الجبال ما أنبت خاصة، وما لم يُنْبت فليس بطور، عن ابن عباس، وقيل: هو الجبل الذي ناجى عليه موسى، عن ابن عباس أيضًا.
  ويقال: ما كان سبب رفع الطور؟
  قلنا: قال أهل التفسير: لما رجع موسى بالألواح، قال: إن فيها كتاب اللَّه وأمره ونهيه، فقالوا: ومن يأخذه بقولك، فأمر اللَّه الملائكة، فنتقت الجبل فوقهم، وقيل لهم: خذوا الكتاب وإلا طرحناه عليكم فأخذوا، وكان الجبل فرسخًا في فرسخ على مقدار العسكر.
  ويقال: أَوَلَيْسَ رفع الجبل يوجب الإلجاء؟
  قلنا: لا، لأنه ليس كل تخويف إلجاء، كما يخوف الكافر بالسيف، وقيل: لما