التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين 156 أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون 157}

صفحة 2475 - الجزء 4

  قلنا: العامل فيه «أنزلناه» بتقديرين:

  أحدهما: أنزلناه لِئَلَّا تقولوا، فحذف (لا) لظهور المعنى في أنه أنزل لئلا يكون لهم حجة، وحذف (لا) قول الفراء.

  الثاني: أنزلناه كراهة أن تقولوا، عن الزجاج، ولم يُجِزْ حذف (لا) ههنا.

  وقال الكسائي: أن تقولوا يا أهل مكة أو تقولوا، نصب تقولوا ب (أنْ)، و (أو تقولوا) نصب؛ لأنه معطوف على (أن تقولوا)، واللام في قوله: «لغافلين» لام الابتداء.

  ويقال: لم فتحت (أن تقولوا) مع أنه لا يقع فيه المصدر؟

  قلنا: لأن الفعل مقدر فيه «تقولوا» كأنه قيل: لو وقع إلينا أو أنزل الكتاب علينا. إلا أن هذا الفعل لا يظهر من أجل طول (أن) بالصلة، ولا تحذف مع المصدر إلا في الشعر.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ - تعالى - أنه أنزل هذا الكتاب على رسول اللَّه ÷ قَطَعًا للعذر، وإزاحة للعلة، فقال سبحانه: «أَنْ تَقُولُوا» أي: لئلا تقولوا يا أهل مكة «إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ» جماعتين، قيل: اليهود والنصارى، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وابن جريج وقتادة والسدي، [وإنما] خصهما بالذكر لشهرتهما وظهور أمرهما «وَإنْ كنَّا» أي: وقد كنا «عَنْ دِرَاسَتِهِمْ» قراءتهم الكتب، وإنما قال: دراستهم ولم يقل دراستهما؛ لأن كل طائفة جماعة قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} «لَغافلِينَ» يعني لا نعلم ما فرض علينا في الكتاب، وكنا في غفلة يعني أهل مكة «أَوْ